في السفر فتقبل للضرورة. والشاهد الذي يعكس حال هذا وهو من ظهر عليه وسم الشر ولم يتحقق فسقه فلا تقبل شهادته حتى يزكى ولو في سفر فهو بالنسبة لما قبله من باب أولى. والشاهد الذي أعلن بالفسوق والفجور فلا تقبل شهادته ولو علم الحاكم بصدقه كما تقدم لأن العدالة حق الله تعالى فلا يجوز إسقاطها ولا يصح تعديله لأن الواقع يكذبه. والشاهد الذي يكون مجهول الحال بأن لم يظهر عليه ما يدل على الخير ولا ما يدل على الشر فلا بد من تزكيته كذلك ولو في سفر ولا تقبل شهادته بدونها. وحيث توقف قبول شهادة المذكورين في الفروع الثلاثة على التزكية فإن شهادتهم لا تلغى قبلها بحيث لا توجب شيئًا بل توجب شبهة في كون المدعى فيه للمدعي وإلى هذا أشار بقوله وشبهة توجب فيما ادعيا فإذا شهد اثنان بحق وكانا ممن لا يحكم بشهادتهما إلا بعد التزكية عقل ذلك الشيء المدعى فيه كما يأتي إلى أن تثبت التزكية فيحكم بها أو يعجز عنها فتضمحل الشبهة باضمحلال الشهادة فترفع العقلة. وقوله شبهة بالنصب مفعول توجب وفاعله ضمير يعود على الشهادة وألف زكيا وادعيا للإطلاق قوله
(ومطلقا معروف عين عدلا ... والعكس حاضرا وإن غاب فلا)
يعني أن الشاهد الذي أريد تعديله أما أن يكون معروفًا عند القاضي أو من يقوم مقامه في تحرير الشهادة أو غير معروف عنده فإن كان معروف العين في البلد بحيث لا يشتبه في اسمه وصفته بغيره فإنه يعدل سواء كان حاضرًا مجلس القاضي أو غائبًا عنه وإن كان غير معروف العين عند القاضي أو من يتنزل منزلته في نقل الشهادة وهو المراد بالعكس فلا يعدل إلا حاضرا على عينه وإن غاب عن مجلس القاضي فلا يجوز ذلك لأنه لا يعرفه والحكم على الشيء فرع تصوره (ففي القرافي) أن رجلين شهدا عند عمر فقال لا أعرفكما ولا يضركما أن لا أعرفكما فجاء رجل فقال أتعرفهما قال نعم قال له أكنت معهما في سفر يتبين عن جواهر الناس قال لا قال فأنت جارهما