سواء اعتذر بأن قال وقع لي شك أو نسيان مثلًا أو لم يعتذر وتصير كالعدم ولا يلزمه غرم اتفاقًا وتقبل شهادته في المستقبل أن كان مأمونًا وأتى بشبهة وإلا فلا تقبل ولا يؤدب عند أشهب وسحنون مخافة أن لا يرجع أحد وبه العمل وعند ابن القاسم يؤدب (قلت) ما قاله ابن القاسم هو المناسب لأهل هذا الزمان فقد رأينا من يشهد بالأجر ويرجع به وهذا الأمر صار معلومًا عند الناس حتى صعب الوثوق بشهادة شهود الاسترعاء من حيث هي قال أبو البقاء الشيخ يعيش الشاوي ولقد ابتلينا بمخالطة الشهود بانتصابنا للشهادة سنين كثيرة وانتصابنا لخطة القضاء فشهدنا من أحوالهم لفساد الزمان ما يوجب العمل بمذهب ابن القاسم من أن الراجع يؤدب الأدب الوجيع لما في ذلك من الزجر والردع لهم ولغيرهم ومصلحة ذلك لا تخفى على من جالسهم وقد علم من مذهب مالك رضي الله عنه مراعات المصالح العامة والله سبحانه أعلم ثم بعد كتبي هاته الأسطر رأيت نفسي كأنني في المنام ولا حول ولا قوة إلا بالله الملك العلام. وإن رجع بعد مضي الحكم ولم يتحقق كذبه فلا يعتبر رجوعه ولا ينقض الحكم لما روى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في شاهد شهد ثم رجع عن شهادته بعد أن حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام تمضي شهادته الأولى لأهلها والأخيرة باطلة وأخذ بها مالك وغيره قاله المواق. واختلف في غرمه لما أتلف بشهادته من نفس أو مال فإن لم يثبت أنه تعمد الكذب والزور ففي غرمه المال من دية أو غيرها قولان فيغرم عند ابن القاسم وأشهب ولا يغرم عند ابن الماجشون. وإن ثبت عليه أنه تعمد الكذب والزور فيغرم المال اتفاقًا أن كانت الشهادة في مال وإن كانت في نفس فقال ابن القاسم يغرم الدية لأنه لم يباشر القتل وهو الذي أشار إليه الناظم بقوله في كل حال والعقاب يلزمه زيادة على الغرم وقيل يقتص من الشاهد لأنه تسبب في قتله بالزور فكأنه يباشر ذلك (تنبيهات) الأول هل يشترط في رجوع الشاهد أن يكون عند القاضي أو لا يشترط ذلك ويجزي رجوعهم عند غيره من العدول المنتصبين للشهادة وبه العمل خلاف