للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المنكر ضدين -أحدهما طَلَب الإيجاد، والآخر طَلَب الإعدام- كانا كالنوعين المُتغايرين المُتضادين، فَحَسُن لذلك العطف» (١).

٤ - قال تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤)} (طه).

قال ابن هُبيرة - رحمه الله -: «قرأ عَلَيَّ قارئ: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي (٨٤)} (طه)، ففكرت في معنى إسقاط (ها) (٢) فنظرت فإذا وَضْعها للتنبيه، والله لا يجوز أن يُخاطَب بهذا، ولم أر أحدًا خاطب الله - عز وجل - بحرف التنبيه إلا الكفار، كما قال - عز وجل -: {قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ} (النحل: ٨٦)، {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} (الأعراف: ٣٨)، وما رأيت أحدًا من الأنبياء خاطب ربه بحرف التنبيه، والله أعلم. فأما قوله: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} (الزخرف)، فإنه قد تقدم الخطاب بقوله: {يَارَبِّ}، فبقيت (ها) للتمكين» (٣).

قال: «ولما خاطب الله - عز وجل - المنافقين قال: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (النساء: ١٠٩)، وكرم المؤمنين بإسقاط (ها)، فقال: {هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} (آل عمران: ١١٩)، وكان التنبيه للمؤمنين أخف» (٤).


(١) بدائع الفوائد (٣/ ٥٢ - ٥٤).
(٢) في الأصل: «فأفكرت في معنى اشتقاقها»، والمثبت أعلاه من ترجمة ابن هبيرة في مقدمة الإفصاح. وهو
أوضح في المعنى.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٤).
(٤) السابق.

<<  <   >  >>