للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤٠ - قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} (الفتح).

لما ذكر مُبتغَى العابدين بعبادتهم هنا قال: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، وحين ذكر وعده لهم قال: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} (فاطر: ٣٠). وفيه «إشارة إلى معنى لطيف؛ لأنَّ الله تعالى إذا قال: (لكم أجر) كان ذلك منه تَفَضُّلًا، وإشارة إلى أنَّ عملكم جاء على ما طلب الله منكم؛ لأنَّ الأُجرة لا تُسْتَحَقُّ إلا على العمل الموافق للطَّلب من المالك، والمؤمن إذا قال: أنا أبتغي فضلك يكون منه اعترافًا بالتَّقصير؛ فقال: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ}، ولم يقل: أجرًا» (١).

٤١ - قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} (الحجرات).

قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «ليس في كتاب الله آية واحدة يمدح فيها أحدًا بنسبه، ولا يذم أحدًا بنسبه؛ وإنما يمدح بالإيمان والتقوى، ويذم بالكفر والفسوق والعصيان» (٢).

٤٢ - قال تعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)} (النجم).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «قوله سبحانه: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢)} (النجم) مُتَضَمِّن لكنز عظيم، وهو أن كل مُراد إن لم يُرَد لأجل الله ويتصل به وإلا فهو


(١) مفاتيح الغيب (٢٨/ ٨٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٢٣٠).

<<  <   >  >>