للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٨ - قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} (الزمر).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «وتأمل ما في سَوْق الفريقين إلى الدارين زُمَرًا من فرحة هؤلاء بإخوانهم وسَيْرِهم معهم كل زُمْرة على حِدَة، كل مُشْتَرِكِين في عمل مُتَصَاحِبِين فيه على زُمْرَتهم وجماعتهم مُسْتَبْشِرين أقوياء القلوب كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير، كذلك يؤنس بعضهم بعضًا ويفرح بعضهم ببعض.

وكذلك أصحاب الدار الأُخرى يُساقون إليها زُمرًا يلعن بعضهم بعضًا ويتأذى بعضهم ببعض، وذلك أبلغ في الخزي والفضيحة والهَتِيكَة من أن يُساقُوا واحدًا واحدًا؛ فلا تُهْمِل تدبر قوله سبحانه: {زُمَرًا}» (١).

٣٩ - قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)} (الأحقاف).

قال ابن هبيرة - رحمه الله -: «هذا من تمام بر الوالدين، كأن هذا الولد خاف أن يكون والداه قَصَّرا في شُكر الرب - عز وجل -، فسأل الله أن يُلْهِمَه الشُّكْر على ما أنعم به عليه وعليهما؛ ليقوم بما وجب عليهما من الشُّكْر إن كانا قَصَّرا» (٢).


(١) حادي الأرواح (ص ٥٢).
(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٧).

<<  <   >  >>