للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٦ - قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧)} (فاطر).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «فمن لم يُورثه التعمير وطُول البقاء إصلاح معائبه، وتَدَارُك فَارِطه، واغتنام بقية أنفاسه، فيعمل على حياة قلبه، وحصول النعيم المقيم، وإلا فلا خير له في حياته ... فالطالب الصادق في طلبه كلما خرب شيء من ذاته جعله عمارة لقلبه وروحه، وكلما نقص شيء من دنياه جعله زيادة في آخرته، وكلما مُنع شيئًا من لذات دنياه جعله زيادة في لذات آخرته، وكلما ناله هَمّ أو حزن أو غم جعله في أفراح آخرته.

فَنُقصان بدنه ودنياه ولذته وجاهه ورئاسته إن زاد في حصول ذلك وتوفيره عليه في معاده، كان رحمة به وخيرًا له، وإلا كان حرمانًا وعقوبة على ذنوب ظاهرة أو باطنة، أو ترك واجب ظاهر أو باطن؛ فإن حرمان خير الدنيا والآخرة مُرَتَّب على هذه الأربعة» (١).

٣٧ - قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)} (يس).

قال قتادة: - رحمه الله -: «لا تَلقَى المؤمن إلا ناصحًا، لا تلقاه غاشًّا؛ لَمّا عَاين ما عَاين من كرامة الله تعالى: {قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)}، تمنى على الله أن يعلم قومه بما عَاين من كرامة الله له، وما هجم عليه» (٢).


(١) الفوائد (ص ١٨٩ - ١٩٠).
(٢) تفسير ابن كثير (٦/ ٥٧١ - ٥٧٢).

<<  <   >  >>