للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الظاهر:

«فانظر -أيها المُشاهِد- نَظَر تَأَمُّل وتَدَبُّر إلى آثار المطر في النبات والزروع والشجر، كيف يُحيي به الله الأرض بعد موتها، فينبتها ويُعْشِبُها؟ إن الذي قَدَر على إحياء هذه الأرض لمُحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير لا يُعْجِزُه شيء» (١).

ما يؤخذ من إشارة الآية:

قال السعدي - رحمه الله -: «فإذا كانت الأرض الخاشعة الخالية من كل نَبْت إذا أنزل الله عليها المطر اهتزت ورَبَت وأنبتت من كل زوج بهيج، واختلط نَبْتُها وكثرت أصنافه ومنافعه جعله الله تعالى من أعظم الأدلة الدالة على سعة رحمته وكمال قدرته، وأنه سَيُحْيي الموتى للجزاء؛ فالدليل في القلب الخالي من العلم والخير حين يُنزل الله عليه غيث الوحي فيهتز بالنبات ويُنبت من كل زوج بهيج من العلوم المختلفة النافعة، والمعارف الواسعة، والخير الكثير، والبِرّ الواسع، والإحسان الغزير، والمحبة لله ورسوله، وإخلاص الأعمال الظاهرة والباطنة لله وحده لا شريك له، والخوف والرجاء والتضرع والخشوع لله، وأنواع العبادات، وأصناف التقربات، والنصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وغير ذلك من العلوم والأعمال الظاهرة والباطنة، والفتوحات الربانية مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ أعظم من الأرض بكثير على سعة رحمة الله، وواسع جُودِه، وتَنَوّع هِبَاته، وكمال اقتداره وعزته، وأنه يحيي الموتى للجزاء، وأن عنده في الدار الأخرى من الخيرات والفضل ما لا يعلمه أحد غيره» (٢).


(١) التفسير الميسر (ص ٤٠٩).
(٢) المواهب الربانية (ص ٩٣)، وقد سبق في (ص ٥٢).

<<  <   >  >>