للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهمه البخاري من الآية فقال في صحيحه في باب: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣)} (آل عمران): {لَا يَمَسُّهُ} لا يَجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالْقرآن، ولا يحمله بحقه إلا الْمؤمن؛ لقَوله تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (الجمعة: ٥)، وتجد تحته أيضًا أَنَّه لا ينال معانيَه ويفهمُهُ كما ينبغي إلا القلوب الطاهرة، وأنَّ القلوب النجسة ممنوعة من فهمه مصروفة عنه، فتأمَّل هذا النَّسَب القريب وعَقْد هذه الأُخُوَّة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بِأحسنِ وجهٍ وأبينِهِ، فهذا من الفهم الذي أشار إليه علي - رضي الله عنه - (١)».

وقال: «فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: لكن تَدل الآية بإشارتها على أنَّه لا يَمس المصحف إِلا طاهر؛ لأنَّه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المُطهَّرون، لِكرامتها على الله، فهذه الصحف أولى ألَّا يمسها إلا طاهر» (٢).

وقال أيضًا - رحمه الله -: «فحقيقة هذا أنه لا يمس محله إلا المُطَهَّر، وإشارته أنه لايجد حلاوته ويذوق طعمه ويباشر حقائق قلبه إلا القلب المُطَهَّر من الأنجاس والأدناس، وإلى هذا المعنى أشار البخاري في صحيحه؛ فهذه من أصح الإشارات» (٣).


(١) إعلام الموقعين (١/ ١٧٢، ١٧٣).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٣٩١).
(٣) الكلام على مسألة السماع (ص ٣٩٦).

<<  <   >  >>