للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)} (الأنعام).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «من عُرِض عليه حق فَردَّه ولم يقبله، عُوقِب بفساد قلبه وعقله ورأيه» (١).

٣ - قال تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (١٦)} (الأحزاب).

قال ابن القيم - رحمه الله -: «فأخبر الله أن الفرار من الموت بالشهادة لا ينفع، فلا فائدة فيه، وأنه لو نفع لم ينفع إلا قليلًا؛ إذ لابد له من الموت، فيفوته بهذا القليل ما هو خير منه وأنفع من حياة الشهيد عند ربه.

ثم قال: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧)} (الأحزاب).

فأخبر سبحانه أن العبد لايعصمه أحدٌ من الله إن أراد به سوءًا غير الموت الذي فَرَّ منه؛ فإنه فَرّ من الموت لمّا كان يسوءه، فأخبر الله سبحانه أنه لو أراد به سوءًا غيرَه لم يعصمه أحدٌ من الله، وأنه قد يَفِر مما يسوءه من القتل في سبيل الله، فيقع فيما يسوءه مما هو أعظم منه.

وإذا كان هذا في مُصِيبة النفس، فالأمر هكذا في مُصِيبة المال والعِرْض والبدن؛ فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمته، سَلَبه الله إياه أو قَيَّض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنيا ولا أُخرى، بل فيما يعود عليه بمضرته


(١) مفتاح دار السعادة (ص ٩٩).

<<  <   >  >>