للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لم يتسلَّطْ عليه غضبٌ يأمره وينهاه؛ كما سيأتي تقريرُه بعدَ هذا إنْ شاء الله.

وإذا كان الغضبُ هو الناطقَ على لسانِه، الآمرَ النَّاهي له؛ لم يكن ما جَرى على لسانِه في هذه الحال منسوباً إلى اختيارِه ورِضاه؛ فلا [يترتَّبُ] (١) عليه أثرُه.

الوجه الخامس: قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} في ثلاثة مواضع مِن القرآن (٢). وما يتكلَّمُ به الغضبانُ في حال شدَّةِ غضبِه -مِن طلاقٍ أو شَتْمٍ ونحوه- هو مِنْ نَزَغات الشيطان؛ فإنه يُلْجِئُهُ إلى أن يقول ما لم يكن مختاراً لقوله، فإذا سُرِّيَ عنه؛ عَلِمَ أنَّ ذلك مِن إلقاء الشيطان على لسانِه مما لم يكن برضاه واختيارِه.

والغضبُ مِن الشيطان، وأثرُه منه، كما في «الصحيح» أنَّ رَجُلين اسْتبَّا عند النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى احمرَّ وَجْهُ أحدِهما، وانتفختْ أوداجُه، فقال النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إنِّي لأَعْلمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يجدُ: أعوذُ بالله مِن الشيطان


(١) في الأصل: «يتم من»، ولعلَّ الصواب ما أثبتُّه.
(٢) (الأعراف ٢٠٠)، (فصِّلت ٣٦) فقط!

<<  <   >  >>