للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَن فرَّق قال: إذا عَلِمَ الحقَّ قبل الغضب لم يمنعه الغضبُ مِن العلمِ، وحينئذ فيمكنُه أن يُنفِذَ الحقَّ الذي عَلِمه، وإذا غَضِبَ قبل الفهم لم يَنفُذْ حكمُه؛ لإمكان أن يَحول الغضبُ بينه وبين الفهم (١)، وهؤلاء يحتجُّون بقضيَّة الزبير، وأنَّ النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ إنما عَرَضَ له الغضبُ بعد فَهْمِ الحكومة.

والمقصودُ: أنَّ الغضبَ إذا أثَّر عند هؤلاء في بطلان الحكم، عُلِمَ أنَّ كلامَ الغضبان غيرُ كلام الرَّاضي المختارِ، وأنَّ للغضبِ تأثيراً في ذلك.

الوجه الحادي والعشرون: أنَّ وقوعَ الطَّلاق حكمٌ شرعيٌّ؛ فيستدعي دليلاً شرعياً، والدليلُ: إما كتابٌ، أو سُنَّةٌ، أو إجماعٌ، أو قياس يستوي فيه حُكم الأصل والفَرْعِ. وليس شيءٌ منها موجوداً في مسألتنا.

وإن شئتَ قلتَ: الدَّليلُ إما نَصٌّ، وإما معقول نَصٍّ، وكلاهما مُنْتَفٍ.

وإنْ شئتَ قلتَ: لو ثبت الوقوعُ لَزِمَ وجود دليله، واللازمُ مُنتفٍ؛ فالملزوم مثله.


(١) المذهب: أنَّ حكم الغضبان ينفذ إنْ أصاب الحقَّ، وإلا فلا. (محمد بن مانع).
تعقبه تلميذه الشيخ زهير الشاويش: «رحم الله شيخنا ابن مانع، فإنه هنا يميل إلى المفتى به في المذهب، مع أن إصابة الحق أمر نسبي لا ضابط له».

<<  <   >  >>