للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه العشرون: أنَّ الفقهاءَ اختلفوا في صحَّةِ حُكْمِ الحاكم في الغضبِ على ثلاثةِ أقوالٍ، وهي ثلاثةُ أوجهٍ في مذهب أحمد (١):

أحدها: لا يصحُّ ولا يَنْفُذُ؛ لأنَّ النَّهيَ يقتضي الفسادَ.

والثاني: ينفُذُ.

والثالث: إنْ عَرَضَ له الغضبُ بعد فَهْمِ الحكم نَفَذَ حكُمه، وإنْ عَرَضَ له قبل ذلك لم ينفذْ، فإنّ الحاكمَ يجب أن يكون عالماً عدلاً.

فمَن نفذ حكمه قال: الغضبُ لا يمنعُه العلمَ والعدلَ، فقد حَكَم النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ للزُّبيرِ في شِرَاجِ الحَرَّة وهو غضبان (٢).

ومَن لم يُنفِذْ حُكمه قال: الغضبُ يمنعه كمالَ المقصودِ وحُسْنَ القصد، فيمنعه العلمَ والعدلَ، ولا يصحُّ القياس على النبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ فإنَّه معصومٌ في غَضَبِه ورِضاه، فكان إذا غضب لم يقل إلا حقّاً؛ كما كان في رِضاه كذلك.


(١) «المغني» (١٤/ ٢٥، ٢٦)، و «أصول الفقه» لابن مفلح (٤/ ١٥٤٦)، و «روضة الطالبين» (١١/ ١١٠)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٢٧).
(٢) رواه البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) عن عبد الله بن الزبير.

<<  <   >  >>