تناول فيها المؤلِّفُ قضيةً تَعُمُّ بها البلوى في كلِّ زمان ومكان، تنتاب الأُسَرَ فتقوِّضُها، والأحبةَ فتفرِّقُهم، وهي:«حكمُ الطَّلاقِ حالَ الغضب». وهي مسألة دقيقة حسَّاسة، لها صُوَرٌ متعدِّدة، ولكل صورة حُكمها، فكان لزاماً بَحْثُ هذه المسألة بتأنٍّ ورَويَّة، بما يتَّفِقُ مع رُوح الشَّرع الحنيف، ومقاصده السامية، القائمة على تحقيق مصالح العباد في الحال والمآل، بعيداً عن التقليد الفقهي والتعصُّب المذهبي.
فَبَسَطَ المؤلِّفُ -رحمه الله- أقوالَ أهل العلم، ومذاهبَ علماء الأمصار، وناقشها وفنَّدها، ودلَّل للمسألة مِن الكتاب، والسُّنَّة، وأقوال الصحابة، ثم توسَّع في أوجه الاستدلال من الاعتبار وأصول الشريعة حتى أوصلها إلى خمسة وعشرين وجهاً، بعد أن بَذَلَ فيها وُسْعه، وقلَّب فِكْره، وأطال تأمُّله، حتى خرجَتْ رسالةً مُحْكَمةً محرَّرة، منقَّحةً مهذَّبة، أتى فيها على أوجه المسألة، وما يتعلَّق بها.
وبَحَثَ في غضون ذلك: حقيقةَ الغضب، وكُنْهَه، وبواعثَه، وأنواعه، وبيَّنَ أنه مَرَضٌ من الأمراض التي تعتري القلوبَ نظيرَ الحُمَّى للبَدَن. وأوضح أوجُهَ الشَّبَهِ والاختلافِ بين الغضبان،