للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخصمه وطَعْنِه فيه حال الخصومة بقوله: هو فاجرٌ، ظالمٌ، غاشمٌ، يحلفُ على الكذب. ونحو ذلك، ومَن يحدُّه في هذه الحال يفرِّقُ بين قَذْفِه وطلاقِه بأنَّ القذفَ حقٌّ لآدميٍّ، وانتهاكٌ لعِرضِه، أو قدحه في نفسِه، فيجري مجرى إتلاف نفسه وماله، فلا يُعذر فيه بالغضب؛ لا سيما ولو عُذر فيه بذلك لأمكن كلُّ قاذفٍ أنْ يقول: قذفتُه في حال الغضب. فيسقط الحَدُّ. بخلاف الطلاق؛ فإنه يمكن أنْ يُديَّن (١) فيما بينه وبين الله (٢)، والحقُّ لا يعدوه.

والمقصودُ: أنه إذا تكلَّم بالطلاقِ دواءً لهذا المرض، وشِفاءً له بإخراج هذه الكلمة مِن صدره؛ وتنفُّسِه [بها؛ فمِن] (٣) كمال هذه الشريعة ومحاسِنها وما اشتملت عليه مِن الرحمة والحِكمة والمصلحة ألّا يؤاخذَ بها؛ ويلزمَ بموجبها، وهو لم يلزمه (٤).

الوجهُ الثانيْ عشَرَ: أنَّ قاعدةَ الشَّريعة: أنَّ العوارضَ النفسيَّةَ لها تأثيرٌ في القول؛ إهداراً واعتباراً، وإعمالاً وإلغاءً، وهذا كعارضِ النسيان والخطأِ، والإكراهِ والسُّكرِ، والجنونِ والخوفِ، والحُزنِ


(١) ديَّنته - بالتثقيل - وكلته إلى دينه، وتركته وما يدين، لم أعترض عليه. «المصباح المنير» (ص ٢٧٩).
(٢) علق الشيخ محمد بن مانع ما صورته: «لكن يمكن أن يقول كل مطلق فاجر: طلقتُ حال الغضب! ».
تعقبه تلميذه الشيخ زهير الشاويش: «ليس أمامنا في مثل هذه الحال إلا تصديق القائل؛ ولو كان فاجراً. وقول شيخنا ابن مانع -رحمه الله- هو من التزامه الدائم التوقف عند المُفْتَى به من متأخري علماء المذهب».
(٣) في الأصل: «بما في» والمثبت من مطبوعة القاسمي.
(٤) «يلزمه» كذا في الأصل، وفي مطبوعة القاسمي: «يلتزمه».

<<  <   >  >>