للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و [الغفلةِ] (١) والذهولِ، ولهذا يحتمل مِن الواحد مِن هؤلاء مِن القول ما لا يحتمل مِن غيره، ويُعذر بما لا يُعذر به غيره؛ لعدم تجرُّدِ القَصْدِ والإرادة، ووجود الحامل على القول، ولهذا كان الصَّحابةُ يسألُ أحدُهم النَّاذرَ: «أفي رِضاً قلتَ ذلك أم في غضبٍ؟ » (٢) فإن كان في غَضَبٍ أمره بكفَّارة يمين؛ لأنهم استدلوا بالغضب على أنَّ مقصودَه الحضُّ والمنعُ كالحالف، لا التقرُّب، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النِّساء: ٤٣] فجعل عارضَ السُّكْرِ مانعاً مِن اعتبارِ قِراءة السَّكران وذِكْرِه وصلاته، كما جَعَله النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ مانعاً مِن صحَّة إقرارِه لمَّا أمر باستنكاه (٣) مَن أقرَّ بين يديه بالزنا (٤)، وجَعَله


(١) «الغفلة» في الأصل: «الغفاء».
(٢) قال الأثرم: حَدَّثَنَا عبد الله بن رجاء، أنبأنا عمران، عن قتادة، عن زُرارة بن أبي أوفى، أنَّ امرأة سألت ابنَ عباس: أنَّ امرأة جعلت بُردها عليها هدياً إنْ لبسته؟ فقال ابن عباس: «في غضبٍ أم في رِضا؟ » قالوا: في غضب. قال: إنَّ الله تبارك وتعالى لا يُتقرب إليه بالغضب، لتكفِّر عن يمينها. «الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (٣/ ٥٠٩).
(٣) أي: شمّ ريح فَمِهِ ليعلم أشاربٌ هو [للخمر] فيدرأ عنه حدّ الزِّنا. (قاسمي).
(٤) رواه مسلم (١٦٩٥) من حديث بُريدة بن الحُصيب في قِصَّة رَجْمِ ماعز بن مالك الأسلمي.

<<  <   >  >>