للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

وأما آثارُ الصَّحابة؛ فمِن وجوه:

أحدها: ما ذكرَه البخاريُّ في «صحيحه» عن ابن عباس أنه قال: «الطَّلاقُ عن وَطَرٍ، والعِتقُ ما يُبتغى به وَجْهُ الله» (١)، فَحصَرَ الطَّلاقَ فيما كان عن وَطَرٍ، وهو الغَرَضُ المقصودُ، والغضبان لا وَطَرَ له، وهذا في الطَّلاقِ عن ابن عبَّاسٍ نظيرُ قولِه وقولِ أصحابه:


(١) ذكره البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، كتاب الطلاق: باب الطلاق في الإغلاق والكُرْه - انظر ترجمة حديث رقم (٥٢٦٩).
علق القاسمي هنا: «قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٩/ ٣٩٣): «أي: أنه لا ينبغي للرجل أن يطلِّق امرأته إلا عند الحاجة كالنشوز، بخلاف العتق؛ فإنه مطلوب دائماً، والوَطَر بفتحتين: الحاجة. قال أهل اللغة: ولا يبنى منها فعل». اهـ.
وقال المؤلف في «إعلام الموقعين» (٣/ ٦٥): «معنى قول ابن عباس: «إنما الطلاق عن وَطَر» أي: عن غرض مِن المطلِّق في وقوعه. قال: وهذا مِن كمال فقهه -رَضي الله عَنهُ- وإجابة دعاء الرسول له؛ إذ الألفاظ إنما يترتب عليها موجَباتها لقصد اللافظ بها؛ ولهذا لم يؤاخذنا الله باللغو في أيماننا، ... وكذلك لا يؤاخذ الله باللغو في أيمان الطلاق، كقول الحالف في عُرْض كلامه: عَليَّ الطلاقُ لا أفعلُ، والطلاقُ يلزمني لا أفعلُ، من غير قصد لعقد اليمين، بل إذا كان اسم الربِّ جَلَّ جلاله لا ينعقد به يمين اللغو، فيمينُ الطلاق أَولى ألَاّ ينعقد، ولا يكون أعظمَ حُرمةً مِن الحلف بالله، وهذا أحدُ القولين في مذهب أحمد، وهو الصواب». اهـ. (القاسمي).

<<  <   >  >>