للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعاقلُ لا يقصدُ إلقاء الجمرةِ في قلبِه، فهو ناشئٌ فيه بغير اختيارِه، فإذا كان هو السببَ الحاملَ على التكلُّمِ بالطلاقِ وغيره؛ لم يكنْ ذلك أيضاً مضافاً إلى اختيارِه وإرادته، وهذا كما أنَّ إرادةَ السبب إرادةٌ للمسبَّبِ، فكراهةُ السببِ وبغضُه كراهةٌ للمسبَّبِ؛ يوضِّحه:

الوجه الخامس: وهو أنك تقول للغضبان - إذا اشتدَّ غضبُه؛ ففعل ما لم يكن يفعلُه؛ أو تكلَّمَ بما لم يكن يتكلَّمُ به قبل الغضب -: هل أردتَّ ذلك أو قصدتَّه؟ فَيحلِفُ أنَّه ما أرادَهُ، ولا قصَدَه، ولا كان له باختيارٍ، ويَحْلِفُ أنَّه وقع بغير اختيار. ولا تنكرْ هذا؛ فإنك تجده مِن نفسِك.

وتحقيقُ الأمر: أنَّ له فيه إرادةً هو محمولٌ عليها، حَمَلَه عليها الغضبُ، فهي كإرادة المُكْرَهِ، بل المُكْرَهُ أدخلُ في الإرادة كما تقدَّم، وهذا يدلُّ على أنَّ الغضبان أَولى بعدم الوقوع مِن المُكْرَه، يوضِّحه:

<<  <   >  >>