للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فينبغي للمسلم أن يسأل ربه الثبات على هذا الدين، وأن يزيده توفيقًا وهداية؛ كما يقول في الصلاة: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم (٦)﴾، يعني علمنا ما لم نعلم وزدنا علمًا ووفقنا وثبتنا.

كما ينبغي له أن يسأل ربه أن يعصمه من زيغ القلب، كما جاء في دعاء الراسخين في العلم: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّاب (٨)[آل عمران]، فإذا عرف الإنسان أنه قد يكفر بكلمة يقولها بلسانه، وقد يقولها وهو جاهل، ولا يعذر بالجهل؛ بل قد يظن أنها تقربه إلى الله. إذا علم ذلك فإنه يعظم خوفه وحرصه على ما يخلصه من الكفر والشرك، فيأخذ بأسباب السلامة «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل» (١).

وهؤلاء بنو إسرائيل مع علمهم، وإيمانهم بموسى، وقد خلصهم الله من فرعون وقومه؛ لما مروا على القوم الذين يعكفون على أصنام لهم؛ جاءوا لموسى وقالوا: ﴿اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: ١٣٨]، فأنكر عليهم موسى وأغلظ لهم في الإنكار قائلًا: ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون (١٣٨) إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون (١٣٩) قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِين (١٤٠)[الأعراف].

وفي قول الشيخ: «إن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل، فلا يعذر بالجهل»؛ لعل المراد أنه يقولها جاهلًا بدرجة الحكم عليها؛ لأن بعض الناس يقول الكلمة وهو يعرف أنها


(١) رواه الترمذي (٢٤٥٠) من حديث أبي هريرة ، وقال: غريب؛ وصححه الألباني في «صحيح الجامع» حديث رقم (٦٢٢٢).

<<  <   >  >>