للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع الله أناسًا مقربين عند الله؛ إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة، أو يدعون أشجارًا أو أحجارًا مطيعة لله تعالى ليست عاصية، وأهل زماننا يدعون مع الله أناسًا من أفسق الناس، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك، والذي يعتقد في الصالح أو الذي لا يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يشاهد فسقه وفساده، ويشهد به.

هذا الكلام مبني على ما سبق - يعني: من الشرك -، يقول: إذا عرفت أن ما يسميه أهل زماننا: «الاعتقاد» بفلان والاعتقاد بعلان؛ كالاعتقاد بالبدوي والعيدروس وابن علوان وشمسان من شيوخ الطرق الصوفية؛ هذا الاعتقاد هو نفس الشرك الذي كان عليه المشركون الأولون، وبهذا يعلم أن أولئك الذين يعتقدون في الصالحين حكمهم حكم المشركين الأولين الذين قاتلهم الرسول .

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا، وإن شئت قل: فاعلم أن شرك أهل زماننا أغلظ شركًا من الأولين، كما عبر بذلك في «القواعد الأربع» (١)، والشيخ هنا بعدما قرر أن شرك أهل زماننا هو نفس ما كان عليه المشركون الأولون؛ أراد أن يبين أن شرك أهل هذا الزمان أشد من شرك الأولين، وذلك لأمرين:


(١) القاعدة الرابعة ص ٢٦ في أول هذا المجلد.

<<  <   >  >>