للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجاب عنهم أيضًا بأن النبي أمر بقتل الخوارج، فقال: «فأينما لقيتموهم فاقتلوهم»، وقال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» مع أنهم أكثر الناس عبادة، حتى قال فيهم الرسول : «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (١)، فالذي قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله»، وقال لأسامة: «أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟» هو الذي قال في الخوارج ما سبق، فلا بد من الجمع بين هذه الأحاديث كلها دون الاقتصار على بعض دون بعض.

والخوارج مختلف في حكمهم، ورجح كثير من أهل العلم أنهم ليسوا كفارًا مرتدين؛ لكنهم ضُلَّال (٢)، فهم من شر أهل الأهواء ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ [الروم: ٣٢].

ولا يلزم من الأمر بقتالهم كفرهم، فإن القتل له أسباب، فقد يقتل المسلم حدًا كما في الثيب الزاني، ويقتل قصاصًا، ويقتل لبغيه، ويقتل لكف شره، ويقتل لردته.

وخلاصة الرد على هذه الشبهة: أن الإنسان إذا قال: لا إله إلا الله وجب الكف عنه، فإذا أظهر ما يخالف الشريعة؛ وجب قتله كالخوارج مثلًا، ويؤيد هذا أن الرسول أراد أن يغزو بني المصطلق لما بلغه أنهم منعوا الزكاة، وكان الذي أخبر بذلك قد كذب عليهم، فهم كانوا


(١) رواه البخاري (٥٠٥٨) - واللفظ له -، ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري .
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٢١٧) و (٢٨/ ٥١٨).

<<  <   >  >>