للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الأولى والرد عليها]

أول تلك الشبه هي قول بعض أولئك المشركين: أنا لا أشرك بالله، بل أقر بأن الله تعالى هو الخالق الرازق، لا يخلق ولا يرزق، ولا ينفع ولا يضر؛ إلا هو سبحانه، ولكن الصالحين والأنبياء والملائكة لهم جاه ومنزلة عند الله، فأنا أتوسل بهم إلى الله، وأنا مقصر ومذنب، فأنا أسأل الله وأستشفع بهم، وأطلب شفاعتهم عند الله.

فإذا قال ذلك، فالجواب عليه بما تقدم، وهو: أن الكفَّار والمشركين الذين نزل فيهم القرآن، وكفَّرهم الله، وقاتلهم الرسول ؛ كانوا مقرين بنفس ما أقررت به، وإنما تعلقوا بالأولياء والصالحين طلبًا للشفاعة؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ﴾ [يونس: ١٨]، فما ذكرته لا يختلف عما حكى الله عن المشركين، وأخبر به في كتابه عن أنهم يقرون بالربوبية كلها لله، قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُون (٣١)[يونس]، وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون (٨٧)[الزخرف]، وقال تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُون (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُون (٨٥)[المؤمنون]، وكل هذا التقرير قد سبق في أوائل هذه الرسالة، فهذا الذي يدعي أنه ليس بمشرك

<<  <   >  >>