للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثانية والرد عليها]

الشبهة الثانية: قد يقول: هذه الآيات التي ذكر الله فيها كفر المشركين إنما كفَّرهم سبحانه لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والجمادات المنحوتة من أحجار أو معادن، ونحن إنما نتعلق ونتوسل بالصالحين فكيف تجعلوننا مثل أولئك؟ أم كيف تجعلون الأنبياء والأولياء مثل الأصنام؟

فهذه الشبهة مبنية على التفريق بين فعله وفعلهم من حيث ما يتعلقون به؛ وذلك أن المشركين الأولين إنما كانوا يتعلقون بالأصنام المنحوتة بأيديهم. أما نحن، فإنما نتعلق بأولياء الله وأنبيائه وملائكته.

والجواب عن هذه الشبهة ببيان أن المشركين الأولين لم يعبدوا كلهم الأصنام مباشرة، إنما عبدوا الأصنام على أنها تماثيل لأولئك الصالحين كما صنع قوم نوح لما عبدوا تلك الأصنام على أنها تماثيل لأولئك الصالحين، ثم إن المشركين الأولين ليسوا كلهم يعبدون الأصنام، وإنما منهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين، ومنهم من يعبد الملائكة؛ دون أن يوسط بينه وبينهم صورهم وتماثيلهم، ومن الدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ [الإسراء]؛ أي أن هؤلاء المدعوين هم أنفسهم يبتغون إلى ربهم الوسيلة، ويرجون رحمته

<<  <   >  >>