للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم سألوه ذلك عند قبره؛ بل أنكر السلف الصالح على من قصد دعاء الله عند قبره، فكيف بدعائه نفسه؟!

ولهم شبهة أخرى، وهي: قصة إبراهيم لما ألقي في النار؛ اعترض له جبريل في الهواء، فقال له: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم : أما إليك فلا، قالوا: فلو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم.

فالجواب: أن هذا من جنس الشبهة الأولى، فإن جبريل عرض عليه أن ينفعه بأمر يقدر عليه، فإنه كما قال الله تعالى فيه: ﴿شَدِيدُ الْقُوَى (٥)[النجم]، فلو أذن الله له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض والجبال ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل، ولو أمره الله أن يضع إبراهيم في مكان بعيد عنهم لفعل، ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل.

وهذا كرجل غني له مال كثير، يرى رجلًا محتاجًا، فيعرض عليه أن يقرضه أو يهبه شيئًا يقضي به حاجته، فيأبى ذلك الرجل المحتاج أن يأخذ ويصبر إلى أن يأتيه الله برزق لا منة فيه لأحد، فأين هذا من استغاثة العبادة والشرك لو كانوا يفقهون؟

يريد القبوريون الذين يستغيثون بالصالحين ويلجأون إليهم أن يستدلوا بهذه الشبهة على جواز الاستغاثة بالمخلوق، وهذه شبهة واهية ضعيفة؛ لأن الاستغاثة بالمخلوق الحي الحاضر بما يقدر عليه جائزة لا

<<  <   >  >>