للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون (١٢١)[الأنعام] (١).

ونشاهد الآن أن النصارى عندهم شبهات يحرفون بها الإسلام، والمشركون المنتسبون للإسلام لهم شبهات؛ بل سائر المشركين لهم شبهات ومعارضات.

والكفرة في هذا العصر قد فتحت عليهم أبواب الدنيا، وجرى على أيديهم ما جرى من الحضارة، فهم ينطبق عليهم هذا المعنى أعظم انطباق؛ لأنهم يفتخرون الآن بعلومهم ويتعاظمون بها على البشرية، ويحتقرون المسلمين والإسلام، ويرون أنهم فوقهم؛ فهم يأنفون أن يدعوا إلى الإسلام، والكفرة الأوربيون والأمريكان ومن على شاكلتهم كلهم مغرورون وفرحون، فتراهم يفتخرون ويتعاظمون ويتسلطون على العالم بسبب ما لديهم من علوم، ويظنون أنهم بهذا يَفضلون على غيرهم. وفي الحقيقة، فإن هذه الحضارة لا تزيدهم عند الله إلا هوانًا وشقاءً؛ وهم بهذه الحضارة يزدادون كفرًا وغرورًا وكبرًا وطغيانًا.

فإذا علم المسلم الموحد أن الطريق إلى الله لا بد فيه من أعداء قاعدين على الطريق، وأنهم أهل فصاحة وعلوم، وقد قال مقدمهم الشيطان إبليس: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيم (١٦) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين (١٧)[الأعراف]. إذا علم المسلم ذلك فإن هذا يوجب عليه الإقبال على الله


(١) رواه أبو داود (٢٨١٨)، وانظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٣٢٨).

<<  <   >  >>