للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْغَالِبُون (١٧٣)[الصافات] عام بالحجة والبيان، والسيف والسنان، وهاتان الحجتان هما المعنوية والحسية.

ولهذا، فإن العامي من الموحدين يغلب الكثير من علماء أهل الباطل، وليس المراد العامي الجاهل الساذج، وإنما المراد العامي الذي عنده بصيرة وفقه في دينه، فإن بعض العوام عنده من البصيرة ما يفحم به أهل الباطل؛ لأن التوحيد - ولله الحمد - هو دين الفطرة، والعامي الفطِن يقول لهؤلاء القبوريين والمشركين: هذه جمادات لا تغني عنكم شيئًا، أتنادون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا ينفعكم شيئًا؟

وهذه هي الحجج نفسها التي نبه الله عليها، وأنها كانت حجة إبراهيم على أبيه المشرك، حيث جاء في الكتاب العزيز: ﴿مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)[مريم].

فالعامي من الموحدين يغلب ألفًا من هؤلاء المشركين المبتدعين إذا كان الأمر بالمحاجة والمخاصمة بالدليل العقلي والشرعي، ولكن أكثر هؤلاء المبطلين إنما يخاصمون بشبهات يموهون بها، كما سيذكر الشيخ جملة من شبهات أهل الباطل.

لكن الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق إلى الله على غير هدى ولا بصيرة، فهذا عليه خطر إذا خالط هؤلاء المشركين؛ حيث من السهل عليهم أن يشبهوا ويموهوا عليه، ولهذا فإن الإنسان المحارب لا يدخل المعركة، ولا يعرض نفسه للهزيمة، أو يكون فتنة لأعداء الرسل،

<<  <   >  >>