للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرسله الله بعدما حدث الشرك في قومه؛ وذلك أنهم غلو في الصالحين، وصوروا صور أولئك الصالحين لما ماتوا، وهم: «ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر» كما جاء في الأثر عن ابن عباس؛ أنها «أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا؛ (أي: ضعوا فيها تماثيل تذكركم سيرتهم)، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك، وتنسخ العلم؛ عبدت» (١)، إذ أوحى الشيطان إليهم بأن هذه الصور لها شأن، وأن من قبلكم كانوا يستنزلون بها المطر، ويستنصرون بها على الأعداء، فعبدوها؛ فهذه بداية حدوث الشرك في العالم، وسببه هو الغلو في الصالحين.

فأرسل الله نوحًا إلى قومه لما غلو في الصالحين وعبدوهم من دون الله.

وقوله: «وآخر الرسل محمد وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين».

وقد ورد في الأخبار أن عمرو بن لحي الخزاعي هو أول من غير دين إبراهيم (٢) وسيب السوائب (٣)، وأن هذه الأصنام كانت دفينة في


(١) أخرجه البخاري (٤٩٢٠).
(٢) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٠٨٠٨) من حديث ابن عباس ، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٢٥٨٠).
(٣) رواه البخاري (١٢١٢)، ومسلم (٩٠١) عن عائشة .

<<  <   >  >>