للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقل له: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح، والالتجاء ونحو ذلك؟ وإلا فهم مقرون أنهم عبيده، وتحت قهر الله، وأن الله هو الذي يدبر الأمر ولكن دعوهم والتجأوا إليهم للجاه والشفاعة وهذا ظاهر جدًا.

هذه الشبهة الرابعة من شبه المشركين الذين يغلون في الصالحين، فيقول أحدهم: «أنا لا أعبد إلا الله وأما التجائي إلى الصالحين ورجائي وتوجهي إليهم فليس بعبادة»، وهذا هو أصل الشبهة، والجديد هو قولهم: «ليس بعبادة»، وهو إنكار أن الالتجاء إلى الصالحين عبادة.

وهذه الشبهة تشبه بعض الشبه المتقدمة؛ لكنها صيغت بعبارة أخرى، فقوله: «أنا لا أعبد إلا الله» مثل ما تقدم من قوله: «أنا لا أشرك بالله».

فإذا قال ذلك، فقل له: إن الله فرض عليك عبادته؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ [البقرة: ٢١]، وقال سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون (٥٦)[الذاريات]، فإذا كنت تقر أن الله فرض عليك إخلاص العبادة له، فبين لي ما هي العبادة التي فرض عليك أن تجعلها خالصة له ولا تصرف شيئًا منها لغيره؟

فإنه لا يعرف حقيقة العبادة التي يجب إخلاصها لله، حينئذٍ بيِّن له أنواع العبادة فالعبادة حقيقتها: ما أمر الله به من الدعاء والخوف والرجاء والصلاة والخضوع لله والحب لله والتعظيم له سبحانه، وبيِّن له أنها أنواع؛ منها: الخوف والرجاء والتوكل والدعاء والذبح والنذر،

<<  <   >  >>