لكن مع هذا الإقرار بشفاعة الرسول ﷺ، يجب أن نعلم أن الشفاعة يوم القيامة لا تكون إلا بشرطين:
- بإذن الله للشافع.
- ورضاه عن المشفوع له.
فالشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند الخلق؛ لأنَّ الشفاعة عند المخلوق تكون بغير إذنه، فالمقرب والوزير يأتي ويشفع وإن كان الملك غير راض، ولكنه قد يقبل الشفاعة لأنه محتاج إليه، وإن كان غير راض عن المشفوع له فيضطر إلى قبول شفاعته. أما الله تعالى، فله الملك كله ليس بحاجة إلى أحد من الخلق، ولهذا فلا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه كما جاء ذلك في آيات منها قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥]؛ أي: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه، وهذا سيد الشفعاء محمد ﷺ لا يبدأ بالشفاعة أولًا، بل يبدأ بالسجود والحمد حتى يؤذن له بالشفاعة، فيقال له:«ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع»(١).
وهكذا غيره من الملائكة والنبيين والصالحين لا يشفع أحد منهم حتى يُؤذن له ولا يشفعون إلا لمن ارتضى الله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، وهو سبحانه لا يرتضي إلا أهل التوحيد، فلا يشفع أحد من الأنبياء أو الملائكة أو الصالحين إلا لمن كان موحدًا.