للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا يكذبه القرآن، فالله قد أخبر عن المشركين أنهم كانوا يتعلقون بالملائكة والأنبياء والصالحين، كما أخبر عن النصارى أنهم عبدوا المسيح، وقالوا: إنه ابن الله، وألهوه هو وأمه، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ﴾ [المائدة: ١١٦]، وقد كفرهم بقوله: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧]، وقال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: ٧٣]، وكفر الذين تعلقوا بالملائكة، فقال: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُون (٨٠)[آل عمران]، فهذا المشرك القبوري إذا أقر أن الاعتماد على الصالحين والقصد إلى قبورهم فعل المشركين؛ فإنه سيقر بأن هذا هو الشرك، ويلزمه أن يقر بأن ما يفعلونه عند قبور الصالحين من جنس فعل المشركين الأولين وبهذا تبطل هذه الشبهة، ويتبين بهذا أن الشرك ليس مخصوصًا بعبادة الأصنام، وإنما هو عبادة غير الله؛ سواء كان ملكًا مقربًا أو نبيًا أو صالحًا أو شجرًا أو حجرًا، فكل ما عُبِد من دون الله فقد اتخذه عابده ربًّا وإلهًا من دون الله فكان بذلك من المشركين.

يقول المؤلف : «وسر المسألة: أنه إذا قال: أنا لا أشرك بالله، فقل له: وما الشرك بالله؟ فسره لي، فإن قال: هو عبادة الأصنام، فقل له: وما معنى عبادة الأصنام؟ فسرها لي، فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله وحده، فقل: ما معنى عبادة الله وحده؟ فسرها لي … ».

<<  <   >  >>