يا سادتي ويا سيداتي: كنت راكباً أمس في الترام (١) أفكر في موضوع أتحدث به إليكم فأسلّيكم وأفيدكم (فلا يكون الحديث لذيذاً بلا نفع ولا نافعاً بلا لذة)، فكان يطيِّرُ الموضوعات من رأسي هواءٌ بارد يلفح الوجوه فيبلغ منها مثلما تبلغ السياط، فقمت إلى الباب لأغلقه فاستعصى عليّ، فشددته فتأبّى، فجربت فيه الوسائل فما أجدت، فتركته وقعدت. وصعد شاب مفتول العضل عريض المنكبين بادي القوة، فجذبه فما استطاع، فأمسكه بكلتا يديه ووضع قوته كلها في ساعديه، حتى احمرَّ وجهه وانتفخت أوداجه والباب على حاله، فأغضى بصرَه حياءً منا أن ينظر في وجوهنا وقعد. وركب بعده شيخ وكهل وامرأتان، لم يكن فيهم إلا من جرّبَ مثلما جربنا، وخاب كما خبنا.
فلما رأيت ذلك قلت مقالة أرخميدس في أول الدهر:«أوريكا»! وجدت الموضوع. إني سأجعل موضوع حديثي في