لمّا قعدت أكتب هذا الفصل لم يكن في ذهني شيء عن الموضوع الذي أكتب فيه، ولكني نظرت في التقويم المعلَّق بالجدار فوجدت الموضوع؛ الموضوع أول المحرّم.
أفيمُرّ بكم أول المحرم كما يمر غيره من الأيام، وفي صبيحته وُلد عام وفي ليلته قضى عام؟
يجتاز المسافر مرحلة من الطريق فيحطّ الرحال ويقف ليستريح، فيتلفَّتُ وراءه ليرى كم قطع وينظر أمامه ليبصر كم بقي. والتاجر تنتهي سنته، فيقيم موازينه ويحسب غلته ليعلم ماذا ربح وماذا خسر. وهذه «محطة» جديدة نقف فيها ونحن نسير على طريق الحياة، وسنة أخرى تمضي من العمر، أفلا نقف عليها ساعة نفكر ونذكر ونحسب ونعتبر؟
(١) لم تكن هذه المقالة في الطبعة الأولى من كتاب «صور وخواطر» التي صدرت سنة ١٩٥٨، وإنما أضافها إليه مؤلفه في طبعة لاحقة، وأصلها حديث حدّثَ به من إذاعة «صوت الإسلام» ثم نشره في مجلة «الوعي الإسلامي» (مجاهد).