خذ قلماً وورقاً وحاول أن تكتب أسماء أصدقائك جميعاً، ثم صنفهم أصنافاً، تَجِدْ أولاً أن منهم من ليسوا أصدقاء على التحقيق، ولكنهم أصحاب ورفقاء.
فمنهم رفيق تَلْقاه كل يوم أمامك، في السيارة أو الترام، يحيّيك فتحيّيه، ويسألك فتجيبه، ويرجوك إغلاق النافذة فإن فعلت شكر، أو يدوس على رجلك فإن أحسّ اعتذر، والكلمة تجر الابتسام، والابتسام يجر الكلام، وتمرّ الأيام، فإذا أنتما تتبادلان تحيّة الصديقين وتتحدثان حديث الصفيَّيْن، وأنت لا تعرف اسمه ولا تدري «ما» هو.
ومنهم رفيق العمل؛ تكون موظفاً فترى مكتبه حيال مكتبك ووجهه تلقاء وجهك، أو تكون عاملاً فترى آلته إلى جانب آلتك، أو يكون زميلك في المتجر أو جارك في السوق، تكون معه أكثر مما تكون مع أهلك وولدك وتلقاه أكثر مما تلقى أصدقاءك وأهل وُدّك، وقد تشاركه الجِدّ والهزل والرضا والغضب، وما شكلك من شكله، ولا عقلك من عقله، ولا أنت من واديه.