[إلى السيد «م. أ.» من الإسماعيلية بمصر، الذي كتب إليّ واستحلفني أن أقرأ كتابه وأن أرد عليه.]
لماذا تكتب إليّ على تردد واستحياء؟ أتحسب أنك أنت وحدك الذي يحس هذه الوَقدة في أعصابه من ضَرَم الشهوة، وأنك أنت وحدك الذي اختُصَّ بها دون الناس أجمعين؟
لا يا ابني؛ هوِّن عليك، فليس الذي تشكو داءَك وحدك ولكنه «داء الشباب»، وقد كتبت فيه قديماً وحديثاً، ولولا أني لا أحب الحديث المعاد ولا أقتني (مع الأسف) إلا الأقلّ من مقالاتي القديمة لنقلتها إليك أو لأحلتك عليها. ولئن أرَّقك هذا الذي تجد وأنت في السابعة عشرة، فلطالما أرّقَ كثيرين غيرك صغاراً وكباراً، ولطالما نفى عن عيونهم لذيذ الكرى، ولطالما صرف عن درسه التلميذَ وعن عمله العاملَ وعن تجارته التاجرَ. وما الحب الذي افتنَّ في وصفه الشعراء وفي تحليله الأدباء إلاّ ما تجده أنت سواء بسواء، ولكنك أخذته مجرداً مكشوفاً فعرفه الناس فلم يُخدعوا عنه، وأخذوه فلفّوه بمثل ورق «الشكلاطة»