كنت أمس عند قريب لي شاب، لا يدع شيئاً في هذه الكتب التافهة التي يحملها بائعو الجرائد إلا اشتراه، حتى اجتمع له منها ما لو أنفق ثمنَه في كتب العلم النافع والأدب القيِّم وقرأه لصار به من علماء الأدباء أو من أدباء العلماء، وجعلت أنظر فيها، فسألني: ألا تقرأ هذه الكتب؟
قلت: أقرؤها إن وقعت لي بالمَجّان لأستعين بها على النوم، أما شراؤها فلست أستحلّه لأن أكثر مؤلفيها مفسدون، وحرامٌ أن أعينهم على إفسادهم ولو بثمن نسخة واحدة.
فقال: خذ ما تشاء منها لتقرأه.
فأخذت طائفة من كتب التراجم، ومنها كتاب في ترجمة «اللورد بيرون»، وقرأته في الفراش أجتلب به النوم، فإذا أنا أجد فيه من البلايا والطامّات ما أطار النومَ من عينَيّ غضباً لله، وللفضيلة، ولأخلاق الشباب الذين يقرؤونه. كتاب مطبوع أجملَ طبع على أجود ورق، محلَّىً بالصور، وفيه الديناميت الذي ينسف أسس الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من دين وخلق وفضائل.