من أسبوعين ابتُليت من أولادي بِبَلِيّة، هي أني كلما دخلت الدار تعلقوا بي طالبين تمثال «العبد الأسود ذي الطربوش الأحمر». وأنا لا أدري ما هذا التمثال ولا أعرف من أين آتيهم به، وهم يُلِحّون، لا يشغلهم عنه شيء من غالي اللعَب ونادر الطُّرَف، حتى كرَّهوا إليّ البقاء في البيت.
وكنت مرة خارجاً إلى عملي مستعجلاً، فوجدت بائعاً يحمل هذه التماثيل ينادي:"الواحد بقرش"، ففرحت به فرح الضالّ في البادية يرى معالم الطريق، واشتريت تمثالين وحملتهما معتزّاً بهما كأني أحمل كنزاً، وعدت بهما. حتى إذا دنوت من الدار وجدت ولدين صغيرين قاعدين في ظل جدار، فلما أبصرا التمثالين برقت عيناهما، ودنا رأساهما في همس، وارتفعت يداهما في إشارة خفية متهيبة، وشَخَص بصراهما كما يفعل شابان غريران طلعت عليهما من الطريقة فتاة فتّانة، وقاما فتبعاني وعيونهما معلقة بالتماثيل. فلما رأيت ذلك منهما فكّرت أن أدفعها إليهما، ولكني خشيت أن أرجع فلا أرى البائع، وتخيلت رغبة أولادي فيها فلم تطب نفسي أن أحرمهم هذه المتعة، ولم أستطع الإعراض عن