دخل علينا أمس -وكنا جماعة في المجلس- صديق لنا، فقال إن ابنة الأستاذ حبيب زحلاوي قد سقطت من الطبقة السادسة إلى الشارع! فارتعنا جميعاً وأعظمنا الخَطْب، وكنا نعرفها طفلة حلوة ملء إهابها الطهر والجمال والنشاط، فلم نستطع أن نتصورها وهي مِزَق من اللحم قد اختلط بعضُه ببعض. ووجَمْنا، وكانت سكتة لم يقطعها إلا ضحك صديقنا المخبر، فعرفنا أنها مزحة ثقيلة من مزحاته وأقبلنا عليه نسبّه ونشتمه، فقال: والله ما كذبت عليكم، لقد وقعت من الطبقة السادسة، ولكنها لم تُصَبْ بشيء، وهي سليمة.
فصرخنا جميعاً: سليمة؟
قال: نعم والله. ألا تصدقون؟ إنها وقعت على حبال الغسيل الممدودة بين الشرفتين حيال الطبقة الخامسة، فعاقتها قليلاً، ونفذت منها إلى حبال الطبقة الرابعة، وما زالت تمر من حبال إلى حبال، حتى إذا بلغت الشارع كانت سقطتها على كومة من الرمال صَبَّتْها سيارة صباح ذلك اليوم، فلم تصب بأذى