أيها السادة: إني أشكو إليكم القائمين على هذه المحطة، فقد ظلموني وظلموكم معي. جاؤوا بي لأحدثكم، فحسبت أني سأدخل نادياً فيه ناس أراهم فأخاطبهم على قَدْر عقولهم، فإن كانوا علماء كلمتهم كلام العلماء، وإن كانوا من العامة خاطبتهم خطاب العامة؛ فإذا هم يصعدون بي دَرَجاً بعد دَرَج، حتى إذا كلَّتْ رجلاي من الصعود وهممت بالرجوع قالوا: قد وصلنا. فنظرت فإذا نحن في أعلى طبقة من عمارة البرق والبريد، فَتَلفَّتُّ أنظر: أين النادي الذي سأخطب فيه؟ فما عهدت نادياً يُبنى على رأس مئذنة! وأين الناس؟
وإذا هم يُدخلونني من دهليز إلى دهليز، حتى انتهيت إلى زاوية مظلمة، فأشاروا إلى باب وقالوا: هُسْ، إياك أن تتكلم، أو تعطس، أو تسعل، أو تخبط برجلك، أو تدق بيدك، أو تُخَشْخِش (١) بأوراقك!