كم ذا يقاسي العاشقون ويألمون، ولا يدري بهم أحد، ولا يبلغ وَهْمَ إنسان تصوُّرُ ما يعانون!
كم للحب من شهداء عاشوا يائسين وقضوا صامتين، فما حازوا مجداً ولا فخاراً، ولا اشتروا جنة ولا أمنوا ناراً. مساكين، يعيشون في دنيا الناس وليسوا فيها، يرون بغير العيون، فلا يرى الناس ما يرون ولا يبصرون ما يرى الناس، يموت عندهم كل حي ما لم يتصل بالحبيب، ويحيا كل ذي صلة به حتى الجماد. إن فكروا ففي المحبوب، أو تكلموا فَعَنْه، أو اشتاقوا فإليه، أو تألموا فعليه:
وإن مُنحوا الدنيا باعوها كلها بقبلة منه أو شمّة أو ضمّة، ثم لم يأملوا إلا دوامها أو الموت بعدها لئلا يجدوا فقدها! لا يألمون إن قال الناس «مجانين»، ولا يحزنون إن نالهم الأذى، بل ربما سرّهم ما يسوء إن كان فيه رضا المحبوب. ويا ويلهم من العذّال، يا ويل الشَّجِيّ من الخَلِيّ!