زرت صديقاً لي من رفاق الصغر، فرأيت ولده منكبّاً على أوراق له، يفكر ويكتب ثم يمزق ما كتب، ثم يعود إلى التفكر.
فقلت لأبيه: ما له؟
قال: إنه مستغرق في الإنشاء.
قلت: فيمَ يكتب؟
قال: في الموضوع الأزلي الذي لا يملّ منه مدرّسو الإنشاء ولا يسأمون من ترديده.
قلت: ما هو؟
فضحك وقال: السؤال الذي يُلقى في كل بلد وفي كل وقت، لا يتبدل بتبدّل الأمكنة ولا الأزمان، وهو:"ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ ". وسكت لحظة كأنه يتذكر، ثم قال لي: أتذكر كم مرة سُئلنا هذا السؤال في المدرسة؟
قلت: أذكر، لقد كتبت فيه مرات لست أحصيها. عشرين مرة؟ ثلاثين؟ أكثر من ذلك! وكنت في كل مرة أنطلق مع