أحلامي، أتخيل دروب الحياة وقد فُرشت لي بالسجاد الذي تغوص فيه -من لينه- الأقدامُ، ثم رُشَّت عليها العطور ونُثرت فوقها الورود والزهور. لقد طالما تخيلت نفسي هائماً في رياض هذا المستقبل أنشق ريّا عطره وأجتلي جمال زهره، وأرتع في خيره المُرجَّى وبِرّه.
تصورت نفسي طبيباً له العيادة الكبيرة والزبائن الكُثُر، وعشت في هذا الحلم حتى تخيلت نفسي أرى «اللوحة» على بابي وأمد يدي لألمس «السماعة» في عنقي! وتصورت نفسي ضابطاً كبيراً، قد هبطت النجوم من سمائها حتى استقرت على كتفيه ونزل البرق حتى صار يخرج من قرع مِهْمَازيه. وتصورت نفسي صاحب المزارع الواسعة الشاسعة والحقول المُمْرِعة المُزهِرة، أفيق فيها مع العصافير لأنظر إليها، أكحل العين في الأصْباح بمرآها.
وتصورت وتصورت ... فأين مني الآن تلك التصورات؟ لقد أردت لنفسي وأراد الله لي، فكان ما أراد الله لي لا ما أردت لنفسي. كنت من شهور أقلّب أوراقاً لي قديمة أفتش فيها عن وثيقة أطلبها، فوجدت «إيصالاً» هذا نصُّ ما فيه:
المملكة المصرية
دار العلوم العليا
نادي التمثيل والموسيقى
نمرة مسلسلة (٧٠)
وصل من حضرة العضو محمد علي طنطاوي مبلغ ١٠ قروش صاغ قيمة اشتراكه عن شهر أكتوبر سنة ١٩٢٩