إنكم تسمعون كل يوم أحاديث في الجِدّ وفي الهَزْل وفي الخير وفي الشر؛ أحاديث تدعو إلى الوطنية، وأحاديث تسمو بالخُلُق، وأحاديث فيها متعة وفيها تسلية ... ولكن حديثي الليلةَ أهم من هذه الأحاديث كلها، لا لأني أنا كاتبه، أعوذ بالله من رذيلة الغرور، بل لأنه أمَسّ الموضوعات بكم وأقربها إليكم، ولأنه دعوة لكم لتعرفوا أنفسكم.
لا تضحكوا يا سادة ولا تظنوا أني أهزل، ولا تقولوا: ومَن منّا لا يعرف نفسه؟ فإنه كان مكتوباً على باب معبد أثينة كلمة سقراط:«أيها الإنسان اعرف نفسك». ومن يوم سقراط إلى هذه الأيام لم يوجد في الناس إلا الأقل منهم مَن عرف نفسه!
ومتى تعرف نفسك -يا أخي- وأنت من حين تصبح إلى حين تنام مشغول عنها بحديث أو عمل أو لهو أو كتاب؟ ومتى تعرف نفسك وأنت لا تحاول أن تخلو بها ساعة كل يوم تفكر فيها، لا يشغلك عنها تجارة ولا علم ولا متاع؟ ومتى، وأنت أبداً