أيها المستمعون الكرام: أنتقل بكم هذه العشيّةَ إلى بقعة في مصر جُمعت فيها عجائب البلدان وغرائب الحيوان، فوُضع فيها البحر بحيتانه وتماسيحه وأفراسه وسباعه، والبرُّ بصحاراه وغاباته وأسوده وفهوده ووعله وغزلانه، ونُقلت إليها الذُّرى المُخْضَرَّة من لبنان تتفجر منها الينابيع وتنحدر السواقي وتغنيّ عليها البلابل والشحارير، ومُدَّت فيها القفار الجرداء من الجزيرة تسعى فيها المَها وتتسابق العِير، والأحراج الملتَفَّة من الهند تمشي فيها الفِيَلة، والثلوج المبسوطة من القطب تخطو عليها الدِّبَبة. وعاشت فيها الحيات والثعابين إلى جنب الحمام والعصافير، وصحبت فيها المعزى الذئابُ، والثعالبَ الدجاجُ، والسباعَ البشرُ. وفيها «الجَبَلاية»، هذا الجبل المسحور، تدخل منه إلى مسارب منحوتة في الصخر ولا صخر، وكهوف تتسلل فيها العيون ولا عيون، وقاعات في باطن الأرض كأنما هي أحلام شاعر قد تحققت وأمنيّة حالم قد تجسَّمَتْ، وطرق ظاهرة وخفية تنقلك في خطوات من حر الصيف إلى برد الشتاء، ومن جلوات الطبيعة في