بصره، فتناوله بيده، وإذا هو صبي رضيع وقع من شباك الفندق. وهبطت أمه كالمجنونة، وهي امرأة من حماة، فرأته سالماً! ورأى غيري حوادث مثل هذه الحوادث، وفي كتاب «الفرج بعد الشدّة» للقاضي التنوخي مئات من القصص عمّن نجا وهو في لُجّ الهلاك، وفي كتاب الحياة آلاف من الأخبار عَمّن هلك وهو على بر النجاة.
فما سر هذه العجائب؟ وكيف عاشت المرأة وقد فرّطت وعرّضت نفسها للموت بسيرها بين خطيّ الترام، ومات قوم اتخذوا كل أسباب الوقاية، فدخلوا دراهم وأغلقوا بابهم، فشق الترام الحائطَ ودخل عليهم فدعسهم؟ وكيف وقعت البنت فلم تمت، وتموت كلَّ يوم مئاتٌ من البنات بغير وقوع؟
إن هذا هو السر الذي لا يعرفه أحد، فلا تحاولوا كشف سر القدر، ولكن استفيدوا من حكمة القدر؛ وهذا ما سقت له حديثي.
* * *
ستقولون: وماذا نعمل؟ هل ندع أولادنا يسقطون من الشبابيك لا نبالي لأنها إن كانت لهم حياة فسيبعث الله لهم حبالاً تمسكهم أو رجالاً تتلقاهم، ولنقعد عن السعي لأنه إن كان لنا رزق فسيأتينا بلا سعي؟
لا يا سادة، ما هذا طريق فهم القدر ولا هذه حكمة القدر.
صحيح أن الرزق مقدَّر، فهذا وُضع رزقه على مكتبه، فما