للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملاءة، لا تفرق المسلمة من النصرانية أو اليهودية إلا بأن هذه تستر وجهها وتلك تكشفه، أما الملاءة فللجميع (١). فماذا يكون هؤلاء إذا لم يكنَّ مسلمات ولا نصرانيات ولا يهوديات؟

وسكتُّ لأني لم أجد جواباً، وطال السكوت، وفكرت فيما كنا فيه وما صرنا إليه، وعاد ذهني إلى هذا الحاضر المُمِضّ، فرأيت الصبي يتملص مني ويبتعد عني حتى عاد إلى ضباب الماضي، ولم يبق في يدي إلا هذه الصور الباهتة، صور عهود مضت بما كان فيها من جهل بعلوم الكون وانقطاع عن دنيا الحضارة، وما كان فيها من الفضائل والأخلاق والرضا والسعادة، عهود الإيمان والطهر والصفاء، عهود صباي الذي فقدته إلى الأبد (٢).

يا سقى الله تلك العهود!

* * *


(١) وهذه أيضاً حقيقية.
(٢) ما جاء في هذه المقالة هو الموجز، وتفصيله في «الذكريات» التي بدأ علي الطنطاوي بتدوينها ونشرها بعد ثلاثة عقود من نشر هذه المقالة (مجاهد).

<<  <   >  >>