للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العشرين؟ وما أنا -مع ذلك- ممّن يزدري الحب. ومن حرّم الكلام في الحب؛ "واللهُ الذي أمال الزهرة على الزهرة حتى تكون الثمرة، وعطف الحمامة على الحمامة حتى تنشأ البيضة، وأدنى الجبل من الجبل حتى يولد الوادي، ولوى الأرض -في مسراها- على الشمس حتى يتعاقب الليل والنهار، هو الذي ربط بالحب القلبَ بالقلب حتى يأتي الولد؟ ولولا الحب ما الْتَفَّ الغصن على الغصن في الغابة النائية، ولا عطف الظبيُ على الظبية في الكِنَاس البعيد، ولا حنا الجبل على الرابية الوادعة، ولا أمدّ الينبوعُ الجدولَ الساعي نحو البحر. ولولا الحب ما بكى الغمام لجدب الأرض، ولا ضحكت الأرض بزهر الربيع، ولا كانت الحياة" (١).

ما في الحب شيء ولا على المحبين سبيل، إنما السبيل على من ينسى في الحب دينه، أو يضيع خلقه، أو يهدم رجولته، أو يشتري بلذّةِ لحظةٍ في الدنيا عذابَ ألف سنة في جهنم! أوَلم يؤلف ثلاثةٌ من أعلام الإسلام ثلاثةَ كتب في الحب (٢)، وهم


(١) = (جُمادى الأولى ١٣٧٥). وحينما نشرها جدي رحمه الله في الكتاب لم يُثبت هذه المقدمة في أولها، فأثبتّها أنا تماماً للفائدة، وكذلك حذف السطور الأربعة الأولى، فاستحسنت أنا إعادتها إلى موضعها، وأرجو أن أكون في ذلك كله محسناً غير مسيء (مجاهد).
ما بين الأقواس فقرة من قصة «ابن الحب» من كتابي «قصص من التاريخ».
(٢) «الزهرة» لابن داوود الظاهري، و «روضة المحبين» لابن القيم، و «طوق الحمامة» لابن حزم.

<<  <   >  >>