للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أم أقول إن أعياد الناس منها أعياد وطنية تذكّر بحادث رائع أو نصر بارع، وأعياد موسمية كيوم النيروز وأعياد الربيع، أو أعياد لهو ولعب ومتعة كأعياد المساخر (الكرنفال) وأعياد الفسوق الذي يسمى فناً، وأعياد فيها مزيج من هذا وذاك، تبدأ في المعبد وتنتهي في المرقص! وإن لنا -معشرَ المسلمين- عيدين اثنين، عيد الفطر وعيد الأضحى، وإنهما عيدان دينيان، فالفطر شكرٌ لله على التوفيق للصيام، والأضحى شكر لله على التوفيق للحج.

ولكن دين الإسلام يجمع الدنيا والآخرة، ويطلب أداء حق الله وحق النفس وحق الأهل وحق الناس، لذلك كان في العيد لبس الجديد، وبهجة الوجه، وحلاوة القول، وبسطة اليد، والسعة في الإنفاق، وأن يشمل بالخير القريبَ والجار، فيكون عيدنا ثواباً من الله، وأُلْفة بين الناس، وتعميماً للخير.

ولكن هذا الكلام ليس فلسفة العيد، فما فلسفة العيد التي يطلب رئيس التحرير أن أكتب فيها؟

هل أقول: إن العيد -في حقيقته- عيد القلب، فإن لم تملأ القلوبَ المسرّةُ ولم يُتْرِعْها الرضا ولم تَعُمَّها الفرحة كان العيد مجرَّد رقم على التقويم؟

إذا كان هذا هو العيد فأين -يا إخوتي- هو العيد؟ أين بهجة القلب وأين مسرة النفس وأين بهاء الأيام، وهؤلاء هم العرب، بل هؤلاء هم المسلمون كلهم، في خلاف ونزاع وتهاتر وتخاصم؛ قد اشتغلوا بهدم أنفسهم عن هدم عدوهم، وأُلقي بأسهم بينهم، وترك أكثرُهم دينَهم وتخلَّوا عن كريم خِلالهم؟

<<  <   >  >>