للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تزال بي رغبة إلى الشاي (وأنا كالإنكليز -في هذه فقط- أشرب الشاي في الصباح وفي الأصيل وفي الليل، لا أنتهي منه حتى أعود إليه). فقلت للبنت: قولي لأمك إن بابا يسألك: هل من آداب الضيافة أن نقدم الشاي بعد القهوة؟

فذهبَت فقالت لها: ماما، بابا يريد شاي.

قلت له: أسمعت؟ هذا موضوع حديث.

قال متعجباً: هذا؟

قلت: نعم. لقد بعثتها إلى أمها لتنقل إليها عبارة معناها أني أريد شاياً، ولكني جعلتها نكتة لطيفة ليس فيها أمر وليس فيها جفاء، فأضاعت البنت هذه المزايا كلها حين بلّغتها المعنى المجرد جافاً قاسياً كأنه أمر عسكري. أفلا يوحي إليك هذا بشيء؟

فنظر وقال: لا.

قلت: أما أنا فقد ذكرني بقصة الملك الذي رأى رؤيا مزعجة فدعا بمن يعبّرها له، فقال له: تفسيرها أنها ستموت أسرتك كلها. فغضب الملك وأمر به فجُلد عشر جلدات وطُرد. ودعا بآخر، فقال له: أيها الملك، إن تعبير رؤياك واضح، هو أنك أطول عمراً من أسرتك كلها. فسُرَّ الملك وأمر أن يُعطى مئة دينار. والمعنى واحد، ولكن هذا قذف به في وجه الملك عارياً صلداً كأنه يقذفه بحجر، فخرج مضروباً، وذلك لفَّه بثوب جميل من حُسن التعبير وقدّمه إليه بيمينه برفق وتعظيم، فخرج بالجائزة. هذا هو الموضوع.

<<  <   >  >>