للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من فعلي، لأن عمل هذا الرجل -فيما زعموا- تمزيق أوراق الناس التي اشتروها بأموالهم!

ولما نزلنا من هذه الآفة قال لي صاحبي: هلمّ إلى الحمّام.

قلت: وما الحمام يا ابن أخي؟

قال: تغتسل وتلقي عنك وعثاء السفر.

قلت: إن كان هذا هو الحمام فما لي فيه من مأرب، حسبي هذا النهر أغطس فيه فأغتسل وأتنظف.

قال: هيهات! إن الحمام لا يعدله شيء، أوَما سمعت أن الحمام نعيم الدنيا؟

قلت: لا والله ما سمعت.

قال: إذن فاسمع ورَهْ (١).

وأخذني فأدخلي داراً قَوْراء (٢) في وسطها بركة عليها نوافير يتدفق منها الماء، فيذهب صُعُداً كأنه عمود من البلَّور ثم يتثنى ويتكسر ويهبط كأنه الألماس، له بريق يخطف الأبصار، صنعة ما حسبت أن يكون مثلها إلا في الجنان، وعلى أطراف الدار دكك


(١) «رَ» فعل الأمر من رأى، والهاء للسَّكْت، يُؤتَى بها في الوقف على الفعل المعتلّ بحذف آخره، وهي عند النحاة جائزة إذا كان الفعل على أكثر من حرف، كما في قوله تعالى: {فبُهُداهُمُ اقْتَدِهْ}، وواجبة إذا كان على حرف واحد كما هو هنا (مجاهد).
(٢) الدار القوراء هي الواسعة، ومثلها البيت الاقَور (مجاهد).

<<  <   >  >>