للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم لَمْ يريدوا الفاسق البيّن [الفسق] (١) الذي فهم ابن عرفة؛ وإنما أرادوا من هو أخفّ شأناً من ذلك، فأما أن يكونوا أرادوا الذي كان موصوفاً بذلك، ثم تاب وحسنت توبته وبقيت الألسنة تتكلّم فيه مما مضى.

[ولعلّ فِي هذا بعض الشبه بما حكى ابن حبيب عن مالك: لا يؤم قاتل عمد وإن تاب] (٢)، وإنما يكونوا أرادوا به المتهم وهو أبين لمساعدته للغة العربية، وفِي البخاري: " ما كنا نأبنه بريبة (٣) " وفيه: " أَبَنُوا أهلي " (٤)، وعَلَى هذا حمله شيخ شيوخنا العلامة أبو عبد الله ابن مرزوق فِي كتاب " انتهاز الفرصة فِي محادثة عالم قفصة ".

وزعم الشارمساحي أنه عند الفقهاء الضعيف العقل، وكأنه عَلَى هذا أخف شأناً من المعتوه فقد قال فِي سماع ابن القاسم: لا يؤم المعتوه الناس. قال سحنون: فإن أمّهم أعادوا. قال ابن رشد: المعتوه الذاهب العقل. وقول سحنون تفسير؛ لأنه لا تصحّ منه نية فوجب أن يعيد أبداً من ائتم به، وأما الأغلف وهو الذي لَمْ يختتن فقال فِي سماع ابن القاسم: لا يؤم. قال سحنون: فإن فعل فلا إعادة عَلَى من ائتم به.

قال ابن رشد: قول سحنون تفسير، فلا يخرجه ترك الاختتان عن الإسلام، ولا يبلغ به مبلغ التفسيق، إلا أن ذلك نقصان فِي دينه وحاله؛ لأن الختان طهرة الإسلام وشعاره (٥).

وأما المجهول الحال فروى ابن حبيب عن مُطرِّف وابن الماجشون وأصبغ وابن عبد الحكم: لا ينبغي أن [يؤتم بمجهول] (٦) إلا راتباً بمسجد.


(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٢).
(٢) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٤٧٢١)، كتاب فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، ولفظ البخاري " نأبنه برقية " لا بريبة.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٤٤٧٩)، كتاب التفسير، باب قوله: " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة. . " الآية.
(٥) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: ١/ ٢٣٠، ٢٣١.
(٦) في (ن ٣): (يؤم المجهول).

<<  <  ج: ص:  >  >>