للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زكاة الدين]

وإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْناً بِيَدِهِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وقُبِضَ عَيْناً، ولَوْ بِهِبَةٍ. أَوْ إِحَالَةٍ كَمُلَ بِنَفْسِهِ، ولَوْ تَلِفَ الْمُتِمُّ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وحَوْلٌ، أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ.

قوله: (وَلَوْ بِهِبَةٍ) أي: لغير من هو عَلَيْهِ؛ (١) لأن قبض الموهوب كقبض الواهب، وجعله إغياءً للقبض يدل عَلَى مراده؛ فإن الموهوب للمدين لا قبض لواهب فيه أصلاً.

ولَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ.

قوله: (وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ (٢)) هذا الإغياء فِي دين المحتكر، قال ابن عرفة: ولو أخره فاراً ففِيهَا زكاة لعام واحد، وسمع أصبغ ابن القاسم: لكلٍّ عام. انتهى، [فما نسب للمدونة هو] (٣) - والله تعالى أعلم - قوله فِيهَا: ومن له دين عَلَى ملى يقدر عَلَى أخذه منه، أو عَلَى مفلس لا يقدر عَلَى أخذه منه، فأخذه بعد أعوام؛ فإنما عَلَيْهِ زكاة عام واحد. هكذا اختصرها أبو سعيد، وليس بصريح فِي الفرار، وما نسبه لسماع أصبغ كأنه الذي أشار إليه ابن الحاجب بقوله: وعن ابن القاسم ما لَمْ يؤخر قبضه فراراً وخولف ومخالفة أصبغ راويه، ولكن راجع موضوع هذا السماع فِي الأصل وتأمله (٤).

إِنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ.

قوله: (إِنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ) هذا الشرط أحال المسألة عن وجهها، وقريب منه فِي " التوضيح "؛ وذلك أن الكلام مفروض فيما يزكى لعام واحد مما مضى، فخرج منه للأقسام الأربعة التي ذكر ابن رشد فِي " المقدّمات " فِي دين الفائدة إِذَا أخّر فراراً (٥).


(١) قال في تهذيب المدونة: (من كان له على رجل دين له أحوال، وهو قادر على أخذه منه، فوهبه له فلا زكاة فيه على ربه ولا على الموهوب له حتى يتم له عنده حول من يوم وهب له، وهذا إذا لم يكن للموهوب له مال غيره، فإما إن كان له عرض سواه فعليه زكاته وهب له أم لا. وقال غيره: عليه زكاته إذا وهب له، كان له مال أو لم يكن) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ١/ ٤١٧.
(٢) في (ن ٢)، و (ن ٣): (بتأخره).
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن ٤).
(٤) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: ١/ ٤١١، وانظر: المدوّنة، لابن القاسم: ٢/ ٢٥٩، وانظر: والبيان والتحصيل، لابن رشد: ٢/ ٤١١: ٤١٣، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ١٤٦.
(٥) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: ١/ ١٤٩، ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>